تجري في فرنسا، حاليا تعبئة كبيرة ومؤثرة داخل النخب الفرنسية للدفاع عن الكاتب الفرنسي-الجزائري بوعلام صنصال المسجون في الجزائر منذ 16 نونبر من قبل السلطات الجزائرية في انتهاك فاضح لحرية التعبير. فقد اتخذت التعبئة، التي انخرط فيها فنانون وسياسيون وصحافيون منتخبون داخل المؤسسة الفرنسية لصالح صنصال، نطاقًا غير مسبوق وأزعجت بشدة قادة النظام الجزائري، الذي يتعرض لانتقادات شديدة القسوة.
والحال أن صنصال ليس الفرنسي-الجزائري الوحيد الذي يقبع في السجون الجزائرية. فقد قامت السلطات الجزائرية بسجن وتوقيف العديد من الفنانين والناشطين السلميين الآخرين الذين استخدموا فقط حريتهم في التعبير، دون إثارة أدنى مشاعر أو سخط في فرنسا. والدليل على ذلك، لم تتحدث أي وسيلة إعلامية أو سياسية في فرنسا عن المصير المقلق لحسين رجالة، المخرج الفرنسي-الجزائري، العالق في الجزائر منذ غشت 2023 بعد مصادرة جواز سفره في مطار الجزائر العاصمة، ووجد نفسه ممنوعا من العودة إلى وطنه فرنسا، حيث ترك طفليه.
من جانبه، يقبع مدرس الرقص الفرنسي-الجزائري عمر آيت يحيى في سجن تيزي وزو منذ 21 أبريل 2024. وتم اعتقاله بعد أيام قليلة من وصوله من فرنسا لزيارة عائلته في تيزي وزو. وعقب تقديمه، قرر قاضي التحقيق وضعه رهن الحبس الاحتياطي بتهمة “الانتماء إلى منظمة إرهابية”، بموجب المادة 87 مكرر من القانون الجنائي التي تساوي “الإرهاب” بأي نشاط سياسي انتقادي واحتجاجي مع بخصوص النظام الجزائري، وأدانته محكمة عزازقة بولاية تيزي وزو في 18 غشت بالسجن 18 شهرا من العام ذاته.
كما لا تتحدث أي جهة في فرنسا عن المصير المشؤوم للناشطة الفرنسية الجزائرية، جميلة بنطويس، التي أدانتها محكمة جنايات الدار البيضاء بالجزائر العاصمة بالسجن لمدة عامين وغرامة قدرها 100 ألف دينار في 27 يونيو 2024. حوكمت بنطويس، البالغة 60 عامًا والأم لثلاثة أبناء، بتهمة “المساس بالوحدة الوطنية” و”التجمع غير المسلح” بسبب أغنية ملتزمة كتبتها وغنتها خلال الحراك، تندد فيها بقمع وسجن نشطاء الحراك.
ألقي القبض على بنطويس عندما دخلت الجزائر لحضور جنازة والدتها. وتم وضعها رهن الحبس الاحتياطي في 3 مارس 2024. وفي 26 ماي 2024، أعادت غرفة الاتهام تكييف الوقائع، فأسقطت التهم الجنائية المتعلقة بالعضوية في منظمة إرهابية بموجب المادة 87 مكرر، وأبقت على جريمتي المساس بالوحدة الوطنية والتحريض على التجمهر.
تعتبر هذه الأمثلة حالات ملموسة، لكنها بعيدة كل البعد عن أن تجسد، بشكل كاف، مدى القمع الذي يتعرض له العديد من الفرنسيين-الجزائريين في الجزائر. قمع يسترشد باعتبارات استبدادية لمعاقبة كل من يرى فيه النظام الجزائري أنه “يعاديه”. ومع ذلك، لم تظهر أي تعبئة في فرنسا للمطالبة بالإفراج عن هؤلاء الفرنسيين-الجزائريين الذين يتعرضون للاضطهاد. ربما لأنهم أقل شهرة، مقارنة مع بوعلام صنصال.