قال نشطاء جزائريون، في بيان مفتوح، إن “النظام، أي القيادة العليا للقوات المسلحة بوصفها السلطة الفعلية وواجهتها المدنية، قتل أبجديات السياسة وأغلق الفضاء العام وصادر الحريات الاساسية، الفردية والجماعية وقنن القمع والاعتقالات السياسية”.
ووقع على البيان ناشطون، من بينهم سياسيون وإعلاميون ومحامون.
“تمر جزائر اليوم بوضع أسوأ من ذي قبل كما أن مؤشرات المستقبل على المديين القصير والمتوسط تبدو أعقد وأخطر .
وحقيقة، أضاعت منظومة الحكم على البلاد فرصة التغيير السلس التاريخية التي منحتها ثورة الشعب السلمية منذ 22 فبراير 2019 واستمرت سياسة الكل أمني في الدوس على إرادة الشعب فارضا الانسداد، مرة أخرى، بالقمع والتسلط وصانعا “رئيسا آخر” على المقاس عبر ما يسمى بانتخابات 12 ديسمبر 2019 . انتخابات كرست اللاشرعية وأدخلت البلاد في أنفاق أخرى من اللاحكامة والوهم والارتجال والعبثية”، وفق ما جاء في البيان، قبل أن يضيف “وبعد ما يقارب خمس سنوات، ها هو النظام، أي القيادة العليا للقوات المسلحة بوصفها السلطة الفعلية وواجهتها المدنية، يسعى لإنقاذ نفسه على حساب الجزائر والشعب مكررا “خطاياه الكبرى” ومستنسخا أسوء ما فيه”.
ومن بين الموقعين على البيان الذي صدر يوم 20 يوليوز 2024، كل من علي لعسكري ومحمد هناد وفطة سادات
وعبد الله هبول وكريم طابو والسعيد بودور ووسيلة بن لطرش ومحسن بلعباس وتوفيق بلعلى والسعيد الزاهي وفضيل بوماله، الذين اتهموا النظام بإجهاض ميلاد المجتمع المدني المستقل وكل أشكال السلط المضادة، أحزابا ونقابات حقيقية وإعلاما مفتوحا، وعطل آليات الرقابة والمساءلة، ناهيك عن تحطيمه كل أطر الحوار والوساطة والتفاوض وحل النزاعات واختلاقه أعداء وهميين بسبب رأي مخالف أو موقف معارض.
“لقد عادى ثورة الشعب السلمية بكل ما صنعته من وحدة وطنية وأمل وثقافة المواطنة في ظل الاختلاف والتعايش والتسامح والبناء الجماعي وجعل قيمها وفواعلها هدفا لانتقامه. وبالتخويف والتيئيس والفساد الرمزي والمادي، يحاول تفكيك ما تبقى من معالم البناء الوطني الهادفة الى تجسيد حلم الدولة الديمقراطية الاجتماعية والتي تتعارض ومصالح الطغم التي وضعت يدها على ثروات البلاد وحولتها الى ملكية خاصة. إن هذه الأعطاب البنيوية المدمرة هي التي منعت إقلاع بلد قارة كالجزائر، وجعلته في ذيل الترتيب عالميا في معظم المجالات”، يقول البيان، مشيرا إلى أن “النظام عزل الجزائر، بسبب غياب أدنى رؤية براغماتية للرهانات والمآلات، دبلوماسيا واقتصاديا وجيو-أمنيا، واختزل سياستها الخارجية وأدوارها الاستراتيجية الطبيعية في شعارات جوفاء مقدما نفسه والبلاد ضحية لمؤامرات خارجية وتهديدات دائمة. وحتى ذلك الدور الذي يسعى للعبه أمميا في قضية الابادة الجماعية والجرائم ضد الانسانية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في غزة المحرقة فإنه، وعكس أنظمة العالم أجمع، منع عن الشعب الجزائري حقه في التظاهر والتضامن كما كان يفعله دوما في مسيرات حراكه السلمي”.
واعتبر الموقعون أنه “أمام هذا التعنت الرافض للحلول الجذرية والملموسة وتعليق “التغيير السياسي الجاد” بدورات انتخابوية هزلية ومحسومة سلفا، يتحتم علينا جميعا رسم معالم أخرى لصد “المجهول” الذي ينتظر الجزائر وشعبها. إن “اقتراع الرئاسة” القادم سيكون إخفاقا آخر على مدى سنوات وأخطر من سابقيه ليس لأنه مجرد تزكية النظام لنفسه بزبائنية قديمة متجددة، ولكن لأنه سيعمق الشروخ وسيعمل على تقسيم الشعب وفق أجندة استمرار نظام لا شرعية له ولا مشروع بأي ثمن”، مشددين على أن مسؤوليتهم التاريخية اليوم “لا تنحصر في رفض مهزلة “انتخابات” النظام الرئاسية القادمة شكلا ومضمونا، بل تتعداه الى بناء ميزان قوة شعبي سلمي بديل لحماية كياننا الجمعي شعبا ووطنا، وفق الحقوق والحريات المكفولة دستوريا وفي المواثيق والعهود الدولية التي أقرتها الجزائر منذ عقود”.
وتابعوا أن صرختهم المشتركة هذه تستمد روحها ومرجعيتها من ثورة الشعب السلمية وتتمسك بأهدافها المشروعة. “أما مقاومتنا الديمقراطية فتعددية جامعة عابرة للإيديولوجيات ولاغية للنعرات الهدامة والحزبيات الضيقة. وهوما نعتبره مكسبا وطنيا نعمل معا على ترجمته في مشروع انتقال ديمقراطي تأسيسي يحميه الشعب مصدر شرعيته الوحيد وتحمله كل قوى المجتمع الحية بمختلف أطيافها السياسية المؤمنة بدولة المؤسسات والشرعية الديمقراطية بمضامينها الوطنية والمنفتحة على العالم. نحن الموقعين على هذا البيان السياسي المفتوح، وانطلاقا مما نؤمن به ونناضل لتحقيقه، مع غيرنا من الجزائريات والجزائريين، لإرادة الشعب وأهداف ثورته السلمية ولسنا سوى حلقة في سلسلة كل النضالات الوطنية من أجل التحرير والحرية”، يشدد محررو البيان، قبل أن يخلصوا إلى أنه “لا يمكن للاستبداد أن يكون حتمية نرضاها كما نرفض مطلقا هذا “القدر المزعوم” الذي يريد النظام فرضه أبديا على الجزائر والجزائريين. علينا اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، أن نرفع أصواتنا عاليا لنقل كلمتنا بصوت واحد: لا لمهزلة الانتخابات تحت حكم الدكتاتورية.. نعم لديمقراطية حقيقية ولسيادة الشعب”.