أوفد الرئيس الجزائري، على عجل، وزيره في الشؤون الخارجية أحمد عطاف إلى بكين للقاء وزير الخارجية الصيني وانغ يي.
وفق بيان وزارة الخارجية الحزائرية، فإن الوزيرين “استعرض الوزيران المسائل المهمة في المرحلة الراهنة وعلى رأسها العدوان الصهيوني على غزة، وأكدا على التنسيق بين وفدي البلدين في مجلس الأمن نصرة للقضية الفلسطينية. كما تركزت المحادثات بين الوزيرين حول علاقات التعاون والشراكة التي تربط بين البلدين، مشيدين بما أضفته هذه الزيارة من زخم على العلاقات الجزائرية-الصينية”.
لكن ما لم يذكره البيان، فإن عطاف طار لبكين، بتعليمات شخصية من تبون، لـ”بحث أسباب عدم تجسيد العديد من الاستثمارات الصينية التي كان من المقرر أن تتم خلال فترة ولايته الرئاسية”، تفيد مصادر “مغرب-أنتلجونس”، التي كشفت أن “الرئيس الجزائري أصيب بالذعر بعد الإعلان عن الكثير من الاستثمارات الصينية الضخمة في المغرب، الجار الغربي الذي يعتبره النظام الجزائري (عدوه الأول)”. بينما تعاني الجزائر منذ بداية ولاية عبد المجيد تبون من عدم الاهتمام وتردد الشركات الصينية في الاستثمار فيها.
إذ أصبح يبدو أن الصين، الصديق التاريخي والتقليدي للجزائر، تتجه أكثر فأكثر نحو المغرب، وذلك ما يؤكده التدفق الهائل للاستثمارات الصينية، فيما يمكن اعتباره “نقطة تحول جديدة في الدبلوماسية الاقتصادية الصينية في المغرب العربي”.
ويثير هذا التحول “استياء النظام الجزائري إلى حد كبير، بل يعتبره تهديدا بتفاقم عزلته في المنطقة لصالح المغرب الذي يبدو متقدما أكثر فأكثر منذ نجاحه في إغراء القوى الكبرى في العالم”.
وفي محاولة لمنع هذا السيناريو الحاسم، أرسل عبد المجيد تبون أحمد عطاف إلى بكين، وكلفه بتقديم العديد من المقترحات الجذابة للشركاء الصينيين، منها صفقات عمومية للشركات الصينية مع إزالة جميع العقبات البيروقراطية أو السياسية. بل أن تبون تعهد بجعل الشركات الصينية الشريك المفضل في العديد من المشاريع الكبرى التي يعتزم إطلاقها.
“يندرج كل هذا في إطار استراتيجية إغراء جديدة لمحاولة صرف انتباه الصينيين عن هذا المغرب المكروه ومنعه من أن يصبح مفترق طرق أساسي للاستثمارات الصينية في المغرب العربي”، تقول المصادر.
تجدر الإشارة إلى أنه منذ سنة 2022، قفز التبادل التجاري بين المغرب والصين بأكثر من 50%، ليبلغ حجمه 7,6 مليار دولار. وعلى صعيد الاستثمارات، أطلق العملاق الآسيوي عدة مبادرات في مجالات استراتيجية على الأراضي المغربية، من بينها ظهور المدينة الصناعية محمد السادس طنجة التقنية، التي تطمح إلى جعل طنجة مركزا اقتصاديا مهما.
حاليا، دخلت مشاريع كبيرة تتجاوز 80 مشروعا تستفيد من التمويل الصيني مرحلة التنفيذ بالمغرب. وقد بلغ إجمالي الاستثمارات الصينية المعلن عنها سنة 2023 في صناعة السيارات بالمغرب حوالي 9.5 مليار دولار، وهو رقم قياسي.
في المقابل، فإن الجزائر التي كانت، منذ فترة طويلة، الشريك الاقتصادي والتجاري للصين في إفريقيا، فقدت أمام نيجيريا وأنجولا ومصر هذه المكانة، فيما يظهر جليا أن المغرب يزيد من مخاطر أن تفقد الجزائر مكانة الشريك المميز للصين في المنطقة لأن التبادلات الاقتصادية مع الصين تتراجع من سنة إلى أخرى.
وبحسب آخر الإحصاءات الجمركية، بلغ حجم التبادل التجاري بين الصين والجزائر نحو 7.3 مليار دولار فقط في عام 2021، بينما بلغ في عام 2017 نحو 12.3 مليار دولار.