يمثل قرار المخابرات المدنية البلجيكية (VSSE) بتعيين ضابط اتصال في الرباط توسعا كبيرا في عمليات المخابرات البلجيكية، مما يجعل المغرب الدولة الثانية، بعد الولايات المتحدة، التي تستضيف أجهزتها على أراضيها.
ويأتي تعيين ضابط الاتصال في أعقاب زيارة وفد بلجيكي بقيادة الوزير الأول ألكسندر دي كرو في إطار الاجتماع الثالث للجنة العليا المشتركة للشراكة المغرب-بلجيكا.
وعلى الرغم من أن التعاون الأمني بين البلدين قائم بالفعل، إلا أن الوجود المباشر لممثل في الرباط سيسهل إلى حد كبير تبادل المعلومات الحساسة، وتلقي معطيات مهمة من أجهزة الأمن المغربية فيما يتعلق بالقضايا المتعلقة ببلجيكا.
لم يكن هذا القرار الاستراتيجي نتيجة الصدفة، علما أن الجالية المغربية تشكل أكبر جالية غير أوربية في بلجيكا، مما يؤكد الأهمية الحاسمة للحفاظ على علاقات وثيقة بين المملكتين. بالإضافة إلى ذلك، تظل قضية المهاجرين غير الشرعيين، وخاصة أولئك المتورطين في أنشطة إجرامية مثل الاتجار بالمخدرات، مصدر قلق كبير في بلجيكا، مما يؤدي إلى اكتظاظ السجون. يشار إلى أنه يوجد حاليًا ما يقرب من 700 مغربي في السجون البلجيكية بسبب الإقامة غير القانونية.
في الماضي، شهدت العلاقات بين البلدين حالات من المد والجزر، لا سيما بعد الهجمات الإرهابية في بروكسل والمناقشات الساخنة حول ميثاق مراكش الذي تبنته الأمم المتحدة بشأن الهجرة. وعلى الرغم من هذه التوترات، فإن الجهود الدبلوماسية، التي بذلها رئيس الوزراء ألكسندر دي كرو ووزير العدل بول فان تيشيلت منذ نونبر الماضي، مكنت من إعادة إطلاق الحوار.
ويتجلى تقدم الحوار بين البلدين في قيمة الوفد البلجيكي، الذي ضم فضلا عن دي كرو وفان تيشيلت، كلا من وزيرة الداخلية أنيليس فيرليندن، ووزيرة الشؤون الخارجية حاجة لحبيب، وكاتبة الدولة لشؤون اللجوء والهجرة نيكول دي مور، ورئيسة لجنة الإدارة بوزارة الشؤون الخارجية ثيودورا غينتزيس.
وتوج الاجتماع الثالث للجنة العليا المشتركة للشراكة المغرب-بلجيكا على التوقيع على مذكرتي تفاهم وخارطة طريق للتعاون.
وتتعلق هذه الاتفاقيات بمذكرتي تفاهم حول تحديث الإدارة القضائية والطاقة الخضراء، بالإضافة إلى خارطة طريق تتعلق بالأعمال المنجزة في إطار الحوار السياسي.
وتهدف المذكرة التي تهم تحديث الإدارة القضائية، والتي وقعها كل من وزير العدل عبد اللطيف وهبي، ونظيره البلجيكي بول فان تيغشيلت، إلى إرساء إطار للتعاون والتبادل بين الجانبين في ما يتعلق بتحديث الإدارة القضائية وتعزيز قدراتها التدبيرية وتنمية مواردها، وذلك من خلال تبادل المعلومات حول التطورات التشريعية المرتبطة بمجال العدالة، والدعم التقني لمشاريع إصلاح منظومة العدالة.