استقبل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، يوم 19 دجنبر 2023، ضيفًا غير عادي، يعتبر من أكثر الشخصيات نفوذاً وأكثرها إثارة للجدل في منطقة الساحل. يتعلق الأمر بمحمود ديكو إمام الزاوية القادرية المختارية الكنتية في جمهورية مالي. وخلال هذا اللقاء، عبر الإمام ديكو علنا عن “اعتزازه بالتواجد في الجزائر، بلد الشهداء والأحرار، ولقائه مع رئيس الجمهورية”، قبل أن يعرب أيضا عن شكره على “حسن الاستقبال وكرم الضيافة”.
كما أكد الإمام ديكو، في تصريح آخر عقب لقائه بتبون، أن الجزائر ومالي “ليستا جارتين فحسب، بل بلد واحد وجزء لا يتجزأ”، مشيرا إلى أن الجزائر “كانت إلى جانب مالي في كل المراحل والأزمات التي مرت بها”. وسرعان ما تصدرت المبادرة الجزائرية للترحيب بهذه الشخصية الدينية التي لها أهمية كبيرة في مالي عناوين الأخبار، مما أثار غضب باماكو في اليوم التالي، حيث استدعى المجلس العسكري السفير الجزائري لإبلاغه “احتجاجا شديدا على خلفية الأعمال غير الودية الأخيرة التي قامت بها السلطات الجزائرية، تحت غطاء عملية السلام في مالي”، في إشارة إلى بسط السجادة الحمراء لشخصية معارضة للسلطة الانتقالية الحالية في مالي.
يذكر أن ديكو تزعم حركة احتجاجية سبقت الإطاحة بالرئيس المدني إبراهيم بوبكر كيتا على يد الجيش في عام 2020. ولكن منذ أن استولى العسكر على السلطة، أعرب علنًا عن خلافاته مع الحكومة المؤقتة. وهو أحد العناصر السياسية النادرة القادرة على التحرك والتعبئة في سياق تقييد الحريات في ظل الحكم العسكري، الذي سجن العديد من المعارضين. وحاليا، تسعى تنسيقية الحركات والجمعيات والمتعاطفين مع الإمام ديكو (CMAS) منذ أكتوبر 2023 إلى إطلاق احتجاجات شعبية من أجل تغيير طبيعة النظام المالي الحالي. وأبلغت مصادر “مغرب-أنتلجونس” أن حلول الإمام محمود ديكو، بالجزائر العاصمة، عملية خططت لها بالكامل مديرية التوثيق والأمن الخارجي (DDSE)، المخابرات الخارجية الجزائرية، التي يرأسها الجنرال جبار مهنا. وبدأت هذه المديرية، منذ مدة، تمارس ضغوطا مكثفة على الرئاسة الجزائرية حتى تتجه أكثر نحو الشخصيات المعارضة للمجلس العسكري المالي من أجل تعزيز الروابط مع هذه الحركات التي يمكن أن تفرض قريبا تغييرا في حكم هذا البلد الساحلي المهم.
وتندرج خطط جبار مهنا في سياق عدم التفاهم مع المجلس العسكري المالي الذي سخر منذ النصف الثاني من 2023 علنا من المقترحات الجزائرية، ورفض منح الجزائر دورا قياديا، كما كان الحال في الماضي.
ويخيف هذا التحول السيادي الجديد للجيش المالي القادة الجزائريين، الذين يخشون من أن يرفض الجيش المالي بشكل نهائي مصالحهم في هذه المنطقة الحساسة من الساحل. ردًا على ذلك، نفذت الأجهزة الجزائرية عملية ديكو لبعث رسالة واضحة إلى الجيش المالي: “الجزائر لا تقبل عزلها عن مجال نفوذها المالي”، أو بمعنى آخر: “نحن أو لا أحد”.