على بعد حوالي 16 شهرا عن الانتخابات الرئاسية في الجزائر، المقرر إجراؤها في دجنبر 2024، يعيش النظام الجزائري تمزقا داخليا بسبب حرب عشائرية جديدة بين فصيلين: الأول يضم بوعلام بوعلام المستشار القوي والمؤثر للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، وفريد زين الدين بن الشيخ قائد الشرطة الجزائرية، وبن علي بن علي رئيس الحرس الجمهوري. فيما يضم الفصيل الثاني سعيد شنقريحة رئيس أركان الجيش الجزائري، والجنرال يحيى علي أولحاج، قائد الدرك الوطني، والجنرال مهنة جبار، رئيس المخابرات الخارجية الجزائرية.
وقد سلطت قضية سعيد بن سديرة الضوء على هذا التمزق داخل السلطة الجزائرية. إذ أصبح بن سديرة، اليوتوبر المؤثر الذي يتخذ من لندن مقراً له، المتحدث الرسمي باسم الدوائر العسكرية على مدار العامين الماضيين، والآن أضحى هدفًا لحملة قمع وترهيب أطلقها بوعلام، الذي يعتبر الصندوق الأسود الحقيقي لعشيرة تبون. ويحاول حاليا تفكيك شبكة مصادر بن سديرة والمتعاونين معه في المؤسسة العسكرية.
بدأ كل شيء في ماي الماضي عندما سُرق هاتف سعيد بن سديرة في باريس من قبل مواطن جزائري، وسارع إلى نقله بعد ذلك إلى الجزائر العاصمة ليمنحه إلى فريد بن الشيخ، الذي تكلف بمسح بيانات الهاتف الداخلية، ثم قدمها إلى “عرابه” بوعلام بوعلام. وكشفت تلك البيانات عن قائمة الجهات التي تشكل شبكة مصادر بن سديرة في الجزائر العاصمة. وتتضمن القائمة الطويلة أسماء العديد من ضباط المخابرات العسكرية والخارجية.
في هذا السياق، أطلقت الشرطة الجزائرية عملية المطاردة تحت رعاية القصر الرئاسي بالمرادية، وصدور حظر على مغادرة التراب الوطني ضد أعضاء هذه الشبكة المحددين، وفتح تحقيق قضائي سرا. كما دعا بوعلام بوعلام إلى توقيف وسجن شقيق سعيد بن سديرة، رئيس إحدى بلديات ولاية الجلفة بداخل البلاد. بعد ذلك، أطلق عملية تستهدف الصديق الرئيسي والراعي لشبكة بن سديرة في الجزائر: لطفي نزار، نجل الجنرال الشهير خالد نزار، الزعيم الرمزي للجيش الجزائري في أواخر الثمانينات وأوائل التسعينيات.
يخضع لطفي نزار، حاليا، للتحقيق ولكن لم يتم القبض عليه لأن عشيرة شنقريحة تحركت لحماية شبكة بن سديرة. في المقابل، أُعفي أحد أبرز مسؤولي الشرطة الجزائرية طارق كسكاس، رئيس أهم هيئة لمكافحة الجريمة المنظمة بالجزائر العاصمة، من مهامه على خلفية العديد من فضائح الفساد.
وعلمت “مغرب-أنتلجونس” أن بوعلام بوعلام أعد تقريرا مفصلا، ويوجد الآن على مكتب تبون، محذرا إياه من “مؤامرة” نسجها ضباط في الجيش والمخابرات ضد حكومته والمتعاونين معه. وهكذا، يأمل بوعلام بوعلام في الحصول على الضوء الأخضر من رئيس الجمهورية لإصدار أمر باعتقال لطفي نزار و”المصادر العسكرية” التي تمد بن سديرة بالمعلومات الحساسة لتحييد عشيرة شنقريحة وإضعافها. لقد بدأت الحرب للتو ومن المتوقع أن تستمر طوال الصيف. مسلسل جدير بالمتابعة.