توجد المنظمة الفرنسية “مراسلون بلا حدود”، حاليا، في قلب جدل غير مسبوق بالجزائر، على خلفية مشاركة ممثلها في شمال إفريقيا، الصحافي الجزائري خالد الدرارني، في حفل بمناسبة اليوم العالمي للصحافة نظمته السلطات الجزائرية وحضره الرئيس عبد المجيد تبون، الذي يصفه حقوقيون ب”جلاد الصحافيين”، إذ اعتقل ما لا يقل عن ثمانية صحافيين منذ وصوله إلى الرئاسة في نهاية دجنبر 2019.
فقد أثارت صوره مع تبون غضبا في أوساط الصحافيين المستقلين والمنظمات الحقوقية ونشطاء الحراك. ولم يخف عدد منهم صدمتهم مما اعتبروه “قلب المعطف” للمعارض السابق وأحد نشطاء الحراك والذي سبق اعتقاله في عام 2020.
فقد أثارت صوره مع تبون غضبا في أوساط الصحافيين المستقلين والمنظمات الحقوقية ونشطاء الحراك. ولم يخف عدد منهم صدمتهم مما اعتبروه “قلب المعطف” للمعارض السابق وأحد نشطاء الحراك والذي سبق اعتقاله في عام 2020.
خالد الدرارني حاول التخفيف من الجدل المثار بزعمه أنه حضر الحفل بتكليفه من طرف “مراسلون بلا حدود” ليسلم رسالة إلى تبون تلتمس فيها إطلاق سراح الصحافي إحسان القاضي، الذين حكم عليه يوم 2 أبريل الماضي بخمس سنوات سجنا، من بينها 3 نافذة.
غير أن هذا التبرير المزعوم لم يقنع حتى الاكثر افتراضا للنوايا الحسنة. وفي الواقع، لم ترتبط مبادرة الدرارني، كما أكدت مصادر مطلعة، بالتماس إطلاق سراح القاضي فقط، كما أن “مراسلون بلا حدود” لم تر أي ضرورة للقاء تبون.
في الحقيقة أن “اليد الممدودة” من المنظمة الفرنسية إلى النظام الجزائري خرجت من خيال خالد الدرارني وحده. بل إن الصحافي هو من أقنع إدارة “مراسلون بلا حدود” في باريس بالسماح له بتمثيلها في هذا الحفل “السياسي” المنظم من طرف النظام الجزائري.
وعلمت “مغرب-انتلجونس” أن الدرارني تعرض لضغوط قوية من الأجهزة الأمنية والحكومة الجزائرية بهدف اتخاذ “مبادرة ودية” تجاه الرئيس تبون.
يشار إلى أن الدرارني ممنوع من مغادرة الجزائر، كما أنه ليس حرا في تحركاته داخل بلاده، وما يزال متابعا قضائيا، وما تزال وسيلته الإعلامية Casbah Tribune محجوبة.
هنا، وفي محاولة لفك الطوق من عنقه، دخل في مفاوضات مع دوائر عليا لدى الأجهزة الأمنية منذ نهاية 2022، قصد استعادة شيء من حريته المفقودة. هكذا، ابتعد عن Radio M و web-radio اللتين يملكهما صديقه إحسان القاضي انطلاقا من خريف 2022.
ثم وفي محاولة للتوفر على هامش أكثر للتحرك، أقنع الدرارني “مراسلون بلا حدود” بالتخفيف من انتقاداتها القاسية تجاه النظام الجزائري.
واقترح الدرارني على المنظمة “معالجة ناعمة” للحالة الجزائرية والتأسيس لممرات عبور مع قصر المرادية. ويسعى، حاليا، لاقناع كريستوف ديسلوار المسؤول الأول في “مراسلون بلا حدود” بزيارة الجزائر ، واستقباله من طرف السلطات المعنية لشكره والتعبير له عن امتنانها لمعالجته الخفيفة للمس بحرية الصحافة في بلادها.
تضع هذه الاستراتيجية مراسلون بلا حدود في وضع لا يليق بمنظمة تعنى بالدفاع عن حرية الصحافة والصحافيين. فقد أغمضت عينيها عن اعتقال الصحافي الشاب مصطفى بنجمعة، وعن المضايقات التي يتعرض لها موقع AlgériePart واعتقال أشخاص بتهمة تسريبهم معلومات لهذا الموقع الجاد، الذي غالبا ما يثير حفيظة النظام بتقاريره.
يضرب الصمت الذي تلتزمه “مراسلون بلا حدود” أمام التجاوزات الكثيرة للسلطات الجزائرية في مصداقية هذه المنظمة، التي تثبت تواطؤها المفضوح مع نظام يحكمه العسكر.