جيروم كَالفيلي
يشكل الوضع الحالي في منطقة الساحل مصدر قلق كبير لأجهزة المخابرات الأمريكية. إذ أصبح انتشار الجماعات الجهادية المتطرفة وتعزيزها يهدد، بشكل مباشر، استقرار المنطقة، ومعه مصالح الولايات المتحدة الأمريكية.
ففي العاصمة الأمريكية واشنطن، لا يتردد محللو وكالة المخابرات المركزية في مقارنة الوضع السائد اليوم في مالي وبوركينا فاسو والنيجر وشمال نيجيريا والكاميرون بوضع أفغانستان في أواخر التسعينات وأوائل القرن الحادي والعشرين.
فقد أدى انهيار الوجود الفرنسي في الساحل، حيث اضطرت باريس إلى تقليص وجودها الدبلوماسي والعسكري في المنطقة، وتوسع النشاط الروسي من خلال ميليشيات فاغنر، إلى خلط الأوراق بالكامل. كما أن واشنطن لا تنظر بشكل إيجابي إلى سياسة الجزائر في البلدان الواقعة تحت حدودها الجنوبية.
“لقد أصبحت الجزائر رأس جسر بوتين في منطقة الساحل”، يقول مصدر دبلوماسي أمريكي لـ””مغرب-أنتلجونس”، مشيرا إلى أن الوجود “الكثيف” والمتزايد لموسكو بات يشكل تحديًا أمنيًا حقيقيًا للولايات المتحدة. هذا ما جعل واشنطن تتجه إلى “حليفها” الدائم. “الإدارة الأمريكية تعتبر المغرب شريكًا موثوقًا وملتزمًا في محاربة الإرهاب”، يوضح الدبلوماسي الأمريكي.
فضلا عن ذلك، فإن وكالات الاستخبارات الأمريكية تقدر، بشكل كبير، نظيراتها المغربية. سواء في لانغلي حيث يوجد مقر الاستخبارات الأمريكية المركزية (CIA)، أو مبنى جي إدغار هوفر حيث يوجد مقر مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI)، يثني المسؤولون الأمريكيون على مصداقية ودقة المعلومات التي تأتيهم من المغرب، خاصة من قبل المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني (DGST). وهذا ما يؤكده توالي الزيارات لكبار الأمنيين الأمريكيين للمملكة. ففي 22 فبراير الماضي، زار كريستوفر أ. وراي مدير مكتب التحقيقات الفيدرالية، عبد اللطيف حموشي المدير العام لـ DGST الذي سبق أن عقد، خلال زيارته لواشنطن في يونيو 2022، اجتماعات عمل مع مديري (CIA) و(FBI)، فضلا عن لقائه مع أفريل هاينز، مديرة المخابرات الوطنية الأمريكية. وبعد حوالي ثلاثة أشهر، وبالضبط في منتصف شتنبر من العام ذاته، حلت أفريل هاينز بالمملكة لعقد لقاء ثنائي، وجها لوجه، مع عبد اللطيف حموشي.
وفي أواخر الأسبوع الأول من الشهر الجاري، استقبل حموشي، في مكتبه بالرباط، وليام بورنز مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، وقد كانت “التهديدات والتحديات الأمنية الناجمة عن توتر الأوضاع في بعض مناطق العالم، ومخاطر التنظيمات الإرهابية، خاصة بمنطقة الساحل والصحراء”، في قلب المباحثات بين المسؤولين المغاربة والأمريكيين.