فجرت صحيفة شهيرة، تصدر في العاصمة المالية باماكو، قنبلة مدوية في مستنقع العلاقات بين فرنسا ومالي. وكشفت صحيفة L’Aube، التي تصدر مرتين في الأسبوع في عددها الأخير، كيف تدعم الحكومة الفرنسية الجماعات الإرهابية الناشطة في منطقة الساحل.
“يتجلى هذا الدعم متعدد الأوجه في دفع فديات إلى الجماعات الإرهابية مقابل الإفراج عن الرهائن”، تفيد الصحيفة المعروفة بجديتها ومصداقيتها، معتبرة أن الأحداث الأخيرة مثل إطلاق سراح الرهينتين الفرنسي أوليفيي دوبوا والأمريكي جيفري وودكي تلقي الضوء على “التواطؤ” بين الأجهزة الفرنسية وجماعة نصرة الإسلام والمسلمين.
ونقلت الصحيفة عن مصادر مطلعة في منطقة الساحل أن باريس دفعت ما بين 12 مليون أورو و13 مليون أورو مقابل الحصول على هذا الإفراج المزدوج، مما يؤكد أن فرنسا أصبحت الراعي الرئيسي للإرهاب في منطقة الساحل.
كان لعملية إطلاق سراح الرهائن من باريس هدف واحد فقط: منح إرهابيي جماعة إياد أغ غالي جائزة كبرى تزيد قيمتها عن 10 ملايين أورو من أجل تمكين هذه المجموعة الإرهابية من الحصول على أسلحة وذخيرة، في الوقت الذي كان من الممكن أن تلجأ الأجهزة الفرنسية إلى المهارات الشخصية لرئيس النيجر محمد بازوم، أو إلى الرجل القوي في منطقة أزواد أحمدا أغ بيبي.
ليست هذه المرة الأولى التي تخضع فيها فرنسا للإرهابيين، وتكون كريمة معهم. فقد سبق لصحيفة Le Monde الباريسية أن كشفت أن فرنسا صرفت ما بين 20 مليون إلى 25 مليون أورو لخاطفي تييري دول ومارك فيري ودانييل لاريبي وبيير لوغران، بعد أكثر من ألف يوم من احتجازهم. وفي عام 2014، نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية تحقيقا، وصفت فيه فرنسا بـ”بطلة دفع الفديات لتنظيم القاعدة”. منذ عام 2008، قدرت المبالغ التي دفعتها باريس للجماعات الإرهابية المختلفة كفدية بنحو 58 مليون أورو. في مقابل “الكرم” الفرنسي هذا، يرفض الأمريكيون والإنجليز الخضوع والدفع، ربما لذلك، نادرا ما يتم استهداف مواطنيهم.
وفي الوقت الذي ترفض سلطات مالي، بشكل قاطع، أي تفاوض مع الجماعات الإرهابية، اختار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إظهار جانبه السخي لـ”مساعدة جماعة نصرة الإسلام والمسلمين بالملايين من الأورو”، كما كتبت L’Aube، قبل أن تضيف أن هذا الدعم المالي يأتي في وقت تعيش فيه الجماعة الإرهابية تراجعا ميدانيا أمام تنظيم “داعش”.
وقد شجبت سلطات باماكو هذه الازدواجية الفرنسية أمام الأمم المتحدة، وقدمت شكوى إلى مجلس الأمن الدولي. لكن منذ ذلك الحين، تواصل باريس فرض الفيتو لمنع النظر في هذه الشكوى.