عندما وصل وزير الصحة خالد أيت الطالب، يوم الأربعاء 20 يوليوز 2022، إلى مقر الاتحاد العام للشغالين بالمغرب لعرض مشروع القانون الإطار المتعلق بالمنظومة الصحية الوطنية، استقبله الكاتب العام للمركزية النقابية شخصيا. وقد صدمت صور هذا الاجتماع، في المقام الأول، أعضاء مجلس المستشارين وبشكل أوسع الطبقة السياسية والنقابية المغربية. ذلك أن ميارة يشغل، الآن، منصب رئيس مجلس المستشارين، أي يعتبر الشخصية الرابعة في الدولة، وبصفته هاته اكتسب عضويته في مجلس الوصاية الذي يمارس اختصاصات العرش وحقوقه الدستورية. بمعنى أن الرجل أصبح ملزما بأن يتخلص من جلباب النقابي وأن يكون في مقام رجل الدولة. غير أن خريج معهد الزراعة والبيطرة، والذي قضى كامل حياته المهنية كرئيس لقسم المساحات الخضراء في الجماعة الحضرية بمدينة العيون، يبدو أنه لم يستوعب الأمر بعد.
في صالونات الرباط، كانت “زلات” رئيس الغرفة الثانية حديث مجالس الناس. “ما يُتوقع من رئيس مجلس المستشارين أن يمثل كل المغاربة وليس الذراع النقابي لحزب سياسي”، يقول مستشار سابق دون أن يخفي غضبه، قبل أن يضيف أن “دور رئيس مؤسسة مثل الغرفة الثانية، بحكم وظيفته، هو تمثيل الدولة ومصالحها. إن التفاوض كنقابي ينتقص بشكل خطير من هذه الوظيفة”.
والحال أن هذه الزلة ليست الوحيدة لميارة. فقد أثار هجومه الأخير ضد وسم “أخنوش ارحل”، الذي يغزو مواقع التواصل الاجتماعي، ضجة كبيرة. إذ بدت مواقفه متطابقة تماما مع رئيس الحكومة ورئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، في الوقت الذي تلزمه الأعراف بواجب التحفظ.
والأسوأ أن النعم ميارة نفسه عاد، بعد يومين من وصفه الحملة، التي أطلقها نشطاء ضد ارتفاع أسعار المحروقات بـ”الشعارات الجوفاء”، ليدعو الحكومة إلى التدخل لخفض الأسعار ووقف موجات الغلاء. أي أن الرجل عاد، مرة أخرى، لارتداء جلباب النقابي، دون أن يدرك أنه يسيء إلى سمعة مجلس المستشارين وأيضا إلى الاتحاد العام للشغالين بالمغرب الذي يتزعمه.