يتواصل مشهد “الحماقات” في ليبيا، إلى حد أن كل شيء أصبح هناك مزدوجا. “إذا لم تحصل على ما تريده في الغرب، فستحصل عليه في الشرق، فكل شيء يتم تحليله وتشكيله وتقريره وفقا لدولتين ضمنيتين، تتعايشان في أحسن الأحوال وتتقاتلان في أسوئها، وما هبوط فتحي باشاغا في مطار معيتيقة بطرابلس قادما بتتويج من الشرق كرئيس جديد للوزراء سوى مصداق لذلك، لأن مشهد “الحماقات” الليبية ما زال متواصلا”، يكتب بونوا دِلْما في مجلة لوبوان (Le Point) الفرنسية.
ويضيف أن “باشاغا جاء ليقدم شكرا مزدوجا تعبيرا عن الامتنان أولا ثم طلبا لمغادرة المكان على الفور ثانيا، لرئيس الوزراء عبد الحميد دبيبة العازم على البقاء في منصبه حتى إجراء الانتخابات، خاصة أن الهيئات الدولية وعلى رأسها الأمم المتحدة، ما زالت تعتبره رئيسا للجهاز التنفيذي”.
ومرد ذلك، حسب دِلْما، هو كون الدبيبة رئيسا لغرب البلاد، في حين أن باشاغا، الذي كان حتى وقت قريب وزيرا للداخلية في حكومته، ليس سوى شخص حملته الرغبة الشديدة في السلطة إلى ترك الغرب ليتوج رئيسا للوزراء في شرق البلاد.
“في هذه الفوضى السياسية ووسط هذا الخليط المؤسسي الذي تهيمن عليه جحافل غير متجانسة من المصالح الخاصة والجشع الإقليمي وأمراء الحرب المتنكرين في زي رسل الوئام الوطني، والغنائم التي تحولت إلى ملكيات شبه مستقلة، لا شيء ينمو بشكل صحيح”، يخلص الصحافي الفرنسي، الذي عبر عن اعتقاده بأن “أكثر من ملايين ليبي كان من الممكن أن يعيشوا في نعيم في بلدهم الغني بالنفط، لولا أن 40 عاما من دكتاتورية معمر القذافي ولدت هذه الفوضى التي تغذيها أجندات خارجية”.
وفي انتظار الثمار الافتراضية لثورة 2011، أصبحت الديمقراطية الليبية الشابة الآن مجهزة بكثير من المؤسسات، فهناك برلمانان وحكومتان ورئيسان للوزراء، مما يسمح لنا أن نقول دون تردد، إن المنطقة المغاربية أصبحت منذ ظهر يوم الخميس، تضم 6 بلدان، هي الجزائر والمغرب وموريتانيا وتونس وغرب ليبيا وشرق ليبيا”، يعلق الكاتب ساخرا.