كم كان لافتا تعامل صحافة العسكر بمكيالين مع مواقف الدول الخليجية بخصوص قضية سيادة المغرب على صحرائه. ففي الوقت الذي انتقدت تلك الصحافة، التي تأتمر بأوامر العسكر، موقف السعودية، حين شدد سفيرها عبد الله المعلمي، أمام اللجنة الرابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة، على أن بلاده “ترفض أي مساس بالمصالح العليا أو بسيادة المملكة المغربية الشقيقة ووحدتها الترابية”، معتبرة أن كلمة المعلمي “تضمنت طرحا مطابقا لموقف المغرب، كما حمل نبرة تصعيد لم تكن معهودة من قبل في خطابات مسؤولي المملكة العربية السعودية”. غير أن سرعان ما اختفى ذلك المقال في محركات البحث، ما يفيد، بكل تأكيد، أن تلك الجريدة، التي لم تعد تعرف شروق الشمس، توصلت بأوامر تطلب منها حذف المقال المذكور. في المقابل، تبنت دبلوماسية العسكر وصحافته “صمت الخرفان” أمام المواقف المماثلة التي عبرت عنها الدول الخليجية الأخرى إلى جانب الأردن، من خلالها دعمها للمغرب. فقد جددت الكويت، عبر سفيرها أمام اللجنة الرابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة، على دعمها للمبادرة المغربية بشأن الحكم الذاتي في الصحراء، لما تشكله من “خيار بناء”، وأيضا دعمها جهود الأمم المتحدة التي سمحت بعقد طاولتين مستديرتين في 2018 و2019 بمشاركة المغرب والجزائر وموريتانيا و”البوليساريو”. من جهتها، دعت سلطنة عمان إلى حل سياسي لقضية الصحراء المغربية على أساس مبادرة الحكم الذاتي التي اعتبرها مجلس الأمن “جدية وذات مصداقية”، مشيرة إلى المبادرة تمثل “الحل النهائي” لهذه القضية. كما عبرت قطر عن دعمها لـ”جهود الأمين العام للأمم المتحدة الرامية إلى التوصل لحل سياسي دائم ومتوافق بشأنه في إطار العملية السياسية تحت اشراف الأمم المتحدة، وذلك طبقا لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة ، بما في ذلك القرار 2548 (2021)، وبما يضمن سيادة المملكة المغربية”. لماذا صمت السعيد شنقريحة وعبد المجيد تبون ورمطان لعمامرة أمام هذا الزخم الخليجي الداعم لقضية المغرب؟ الجواب يمكن أن نجده في ثنايا اعترافات رئيس الحكومة الأسبق أحمد أويحيى، خلال إحدى جلسات محاكمته في مطلع العام الجاري، حين أقر أنه تلقى “صفائح من الذهب من طرف أمراء من 4 من دول الخليج”. وتناقلت وسائل إعلام جزائرية أن أويحيى قال أمام هيئة المحكمة، حيث يحاكم في قضية تصنيع السيارات وتمويل العهدة الخامسة للرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، بأنه باع “60 سبيكة ذهب، قدمت كهدية للرئاسة من طرف أمراء 4 دول من الخليج، في السوق السوداء بمبلغ 350 مليون دينار (حوالي 18 مليون درهم)، لأن البنوك الجزائرية رفضت شراءها”. هذا الاعتراف “القنبلة” جاء على لسان وزير أول أسبق، يقبع الآن في السجن رفقة عدد من المسؤولين الجزائريين السابقين. ربما لأن المسؤولين الحاليين في “فَمِهِم ماء خليجي”، وربما ذلك ما يفسر صمتهم.