تناقلت وسائل إعلامية فرنسية وجزائرية أن تصعيد لهجة إيمانويل ماكرون ضد قادة النظام الجزائري جاء كرد فعل ضد “سياسة الابتزاز”، التي أصبحت عقيدة جديدة لدى نظام العسكر في علاقاته الثنائية مع البلدان الأخرى.
وأفادت جريدة www.algeriepartplus.com، في تحقيق صحافي نشرته الأحد 3 أكتوبر 2021، أن تصريحات ماكرون، التي اعتبرتها الجزائر عدائية وغير مسؤولة، جاءت تتويجا للعديد من التوترات التي أدخلت العلاقات الثنائية بين البلدين إلى نفق مسدود، بعد فشل اللقاء الذي جمع وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة مع نظيره الفرنسي جان-إيف لودريان، في نيويورك يوم 22 شتنبر الماضي على هامش انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة.
كان هذا الاجتماع، حسب الجريدة، متوترا للغاية، إذ انتقد لودريان العديد من “المواقف غير الودية” لسلطات الجزائر ضد فرنسا. ونسبت الجريدة إلى مصادر دبلوماسية فرنسية قولها إن جان كاستكس، رئيس الوزراء الفرنسي الحالي، كلف لودريان بحمل احتجاجات السلطات الفرنسية الرسمية إلى لعمامرة ضد الغياب الصارخ للتعاون في تدبير تدفقات الهجرة غير المشروعة، وتهديد باريس بترحيل الإسلاميين الراديكاليين من ذوي الجنسية الجزائرية، الذين سبق أن أثارت الحكومة الفرنسية قضيتهم مع نظيرتها الجزائرية في بداية الصيف الماضي.
غير أنه، تضيف الجريدة، لم يتم إحراز أي تقدم ملحوظ في مسألة التصاريح القنصلية التي من شأنها أن تسمح بترحيل طرد مئات من المهاجرين الجزائريين غير النظاميين الذين اعتقلتهم الشرطة الفرنسية. والأسوأ من ذلك، انتهجت السلطات الجزائرية سياسة ابتزاز غير مسبوقة تتمثل في اشتراط أي تعاون أمني أو قضائي مع فرنسا بتسليمها العديد من المعارضين والناشطين السياسيين المؤيدين للحراك والموجودين على الأراضي الفرنسية، والذين هم موضوع اتهامات اعتبرتها السلطات الفرنسية “غير موضوعية” و”غير متسقة” لأنها تفتقر إلى الدلائل المادية والموثوقة.
وأمام هذا الابتزاز الممنهج، خرج جان كاستكس للتهديد بتبني عقوبات صارمة ومباشرة ضد القادة الجزائريين، لا سيما من خلال التخفيض الحاد في إصدار تأشيرات شنغن وتجميد عدد من مشاريع التعاون الاقتصادي. وكشفت المصادر أن كاستكس هو من أقنع إيمانويل ماكرون بتغيير موقفه جذريا تجاه النظام الجزائري، من خلال تشديد موقف باريس ضد السلطات الجزائرية المتهمة باستغلال اسم فرنسا لتدبير المشاكل السياسية الداخلية لدى نظام العسكر.
في نيويورك التقى جان-إيف لودريان نظيره لعمامرة في نيويورك، وأبلغه ملاحظات بلاده، مهددا إياه بالإعلان عن عقوبات صارمة ضد الجزائر قريبا. فيما رد الوزير الجزائري بالتهديد، أيضا، بفرض عقوبات على المصالح الفرنسية في الجزائر. هكذا، انتهى حوار الصم كما بدأ، أي عدم التفاهم الكامل، حيث رفض الطرف الجزائري التجاوب مع انتقادات السلطات الفرنسية بشأن “سياسة الابتزاز هذه” التي أصبحت العقيدة الجديدة للسلطة الجزائرية في علاقاتها الثنائية مع الدول الأجنبية.