حمل الخطاب الذين ألقاه الملك محمد السادس، بمناسبة الذكرى الـ68 لثورة الملك والشعب، رسائل صريحة وضمنية تفسر القضايا التي أثيرت في الآونة الماضية، وتفك شفرة “الهجمات المدروسة، التي تعرض لها المغرب، في الفترة الأخيرة، من طرف بعض الدول، والمنظمات المعروفة بعدائها لبلادنا”.
وندد الخطاب بـ”أعداء الوحدة الترابية للمملكة”، الذين “ينطلقون من مواقف جاهزة ومتجاوزة، ولا يريدون أن يبقى المغرب حرا، قويا ومؤثرا”، متحدثا عن دول أوربية “تخاف على مصالحها الاقتصادية، وعلى أسواقها ومراكز نفوذها، بالمنطقة المغاربية”.
كما ذكر بـ”تقارير تجاوزت كل الحدود”، التي “بدل أن تدعو إلى دعم جهود المغرب، في توازن بين دول المنطقة، قدمت توصيات بعرقلة مسيرته التنموية، بدعوى أنها تخلق اختلالا بين البلدان المغاربية”، في تلميح إلى مؤسسة “تينك تانك” الألمانية التي دعت إلى “تحجيم هيمنة المغرب في محيطه الاستراتيجي، على حساب الجزائر وتونس”. مما جاء في تقرير المؤسسة المتخصصة في الشؤون الدولية والأمنية “أن المغرب لديه، من بين البلدان المغاربية، أبرز سياسة لجنوب الصحراء. إذ تلعب أسواق النمو الجذابة في إفريقيا، والإحباط من الوصول المحدود إلى الأسواق في أوربا، والافتقار إلى آفاق الاندماج في المغرب الكبير والرغبة في الاعتراف بالسيادة المغربية على الصحراء دورًا في ذلك. إذ فاقمت سياسة المغرب الخاصة بمنطقة جنوب الصحراء من التوترات مع الجزائر وأثارت طموحات تونس”.
وهو التقرير الذي أثار حفيظة الرباط، وقررت مباشرة، بعد الاطلاع عليه، توقيف التعاون مع السفارة الألمانية في المملكة.
أشار الملك، أيضا، إلى اتهام المملكة “بعدم احترام الحقوق والحريات، لتشويه سمعتها، ومحاولة المس بما تتميز به من هيبة ووقار… وتجنيد كل الوسائل الممكنة، الشرعية وغير الشرعية، وتوزيع الأدوار، واستعمال وسائل تأثير ضخمة، لتوريط المغرب، في مشاكل وخلافات مع بعض الدول… كما دبروا حملة واسعة، لتشويه صورة مؤسساتنا الأمنية، ومحاولة التأثير على قوتها وفعاليتها، في الحفاظ على أمن واستقرار المغرب؛ إضافة إلى الدعم والتنسيق، الذي تقوم به في محيطنا الإقليمي والدولي، باعتراف عدد من الدول نفسها”، في تلميح إلى التقارير التي نشرتها، أخيرا، 17 وسيلة إعلامية دولية ادعت أن المغرب استخدم برنامج “بيغاسوس”، الذي طورته شركة “إن إس أو” الإسرائيلية للتجسس على ما لا يقل عن عشرات السياسيين والصحافيين والحقوقيين ومدراء شركات في عدة دول، لكن دون أن تقدم أدلة موثوقة، وعجزت عن الدفاع عن نفسها أمام القضاء بعد الدعاوي التي رفعها المغرب ضدها في فرنسا وألمانيا.
وشدد الملك على أن “مؤامرات أعداء وحدتنا الترابية لا تزيد المغاربة إلا إيمانا وإصرارا، على مواصلة الدفاع عن وطنهم ومصالحه العليا. وهنا نؤكد بأننا سنواصل مسارنا، أحب من أحب، وكره من كره، رغم انزعاج الأعداء، وحسد الحاقدين”.
في المقابل، حرص الملك على بعث رسائل اطمئنان إلى الجارة إسبانيا التي مرت العلاقات معها، في الفترة الأخيرة، “بأزمة غير مسبوقة، هزت بشكل قوي، الثقة المتبادلة، وطرحت تساؤلات كثيرة حول مصيرها”، قبل أن يشير إلى الاشتغال مع الطرف الإسباني، بكامل الهدوء والوضوح والمسؤولية، لتعزيز الثوابت التقليدية بالفهم المشترك لمصالح البلدين الجارين. وكشف أنه تابع شخصيا، وبشكل مباشر، سير الحوار، وتطور المفاوضات. مشددا على أن الهدف لم يكن “الخروج من هذه الأزمة فقط، وإنما أن نجعل منها فرصة لإعادة النظر في الأسس والمحددات، التي تحكم هذه العلاقات”.
كما عبر محمد السادس عن تطلعه “بكل صدق وتفاؤل، لمواصلة العمل مع الحكومة الإسبانية، ومع رئيسها معالي السيد بيدرو سانشيث من أجل تدشين مرحلة جديدة وغير مسبوقة في العلاقات بين البلدين، على أساس الثقة والشفافية والاحترام المتبادل، والوفاء بالالتزامات”.
شدد الملك، أيضا، على الالتزام، الذي تقوم عليه علاقات الشراكة والتضامن، بین المغرب وفرنسا، التي تجمعني برئيسها فخامة السيد إيمانييل ماكرون، روابط متينة من الصداقة والتقدير المتبادل”.