لقد شكلت وعدا رائعا بتحقيق الديمقراطية. حركة جديدة بإمكانيات ديمقراطية هائلة. أحزاب المعارضة، النشطاء المستقلون، الصحفيون الملتزمون، المحامون، والشخصيات الوطنية، آمنوا بـ”مواطنة”، وشكلت حينها فكرة جيدة جدا. هذا ما كنا نظن، في البداية، على أي حال.
كان الجزائريون متفائلين جدا بخصوص هذه الحركة، وظنوا أنها ستنتج أخيرا حلولا سياسية وبدائل وخطط جادة للضغط على النظام، وبالتالي، إنقاذ الجزائر من كارثة حقيقية. لسوء الحظ، لم يتم هذا الأمر، ودام الوهم لشهرين بائسين، وكانت خيبة الأمل كبيرة.
في النهاية، كانت ”مواطنة” مجرد أداة لإضفاء الشرعية على ترشيح الجنرال المتقاعد علي الغديري، الذي يتقاسم مع أكبر الأسماء في الحركة تضخما كبيرا للأنا. الغديري، الذي هو منتج آخر للنظام يعد الجزائريين بتغيير نفس هذا النظام.
”المتمردتان” زبيدة عسول، وأميرة بوراوي فجرتا هذه الحركة ”الديمقراطية”. دون التشاور مع زملائهم، وافقت كل من بوراوي وعسول على تقديم ضمانة لعلي الغديري. هذا الأخير حظي بدعم زبيدة عسول ومقران آيت العربي، وقدم على أنه القادر على تحقيق “القطيعة” مع النظام القائم، وبذلك منحت ضمانة الشرعية الديمقراطية للجنرال المتقاعد، الذي يتمثل هوسه الأهم في الاستيلاء على السلطة، مهما كانت التكلفة للبلاد. لكن، لماذا تم خلق حركة للمواطنين، إذا كانت ستصطف إلى جانب الجنرال وتتجاهل المواطن؟
ولاستكمال هذه اللوحة ”الجميلة” عن عدم الكفاءة السياسية، أظهر سفيان جيلالي وأعضاء حزبه ”جيل جديد” عجزهم، فهو لم يكن قادرا حتى على إقناعهم بعدم دعم منتج آخر لمختبرات النظام، واكتفى بالدعوة إلى المقاطعة.
سيتذكر التاريخ أن حركة ”مواطنة” شكلت خيبة الأمل التي ساهمت في تفاقم عدم ثقة الجزائريين في السياسيين. أولئك الذين أرادوا إحياء العمل السياسي المدني، فقاموا بدفن آخر وهم ديمقراطي بالجزائر.
الجزائريون يعبرون عن سخطهم اليوم فقط من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، ومدونات الرأي، وفاعلين قادمين باريس أو لندن بدون ثقل سياسي، رافضين الاصطفاف وراء حركة ”مواطنة” التي قتلت في مهدها على يد رؤساء يسيطر عليهم الغرور وتضخم الأنا.